essaghraoui.omar@gmail.com

تفسير الأحلام عند فرويد وسابقيه

أهمية الأحلام في الفكر الإنساني منذ أقدم العصور احتلت الأحلام مكانةً خاصة في الفكر الإنساني، إذ نظر إليها البشر كمصدر للرسائل والمعاني الخفية. ورغم طبيعتها الغامضة، فقد اعتبرت الأحلام مفتاحًا لفهم النفس والعالم من   حولناanthroencyclopedia.com. ظهرت تفسيرات مختلفة للأحلام باختلاف الثقافات، فتارةً عُدَّت بوابة إلى عالم الغيب أو وسيلة للتنبؤ بالمستقبل، وتارةً اُعتبرت انعكاسًا لنفسية الإنسان وهمومه   اليومية. لقد سعى الإنسان عبر التاريخ إلى تفسير الأحلام وفهم مدلولاتها، واعتُبرت الأحلام نافذة يطل منها المرء على جوانب خفية من حياته ووجدانهanthroencyclopedia.com. وقد تجلّى ذلك الاهتمام في تعدد النظريات والطقوس المتعلقة بالأحلام ضمن الحضارات المختلفة، مما يدل على الأهمية الكبيرة التي أولاها الإنسان لهذا الجانب الغامض من تجربته تفسير الأحلام في الحضارات القديمة الأحلام في مصر القديمة في الحضارة المصرية القديمة، حظيت الأحلام باهتمام كبير بوصفها رسائل تحمل نذرًا للمستقبل. عُثر على برديات مصرية قديمة تُعرف باسم “كتب تفسير الأحلام” تضم قوائم منظَّمة للأحلام وتفسيراتها، تعود بتاريخها إلى عصر الدولة الحديثة (حوالي القرن الثالث عشر قبل الميلاد)journals.openedition.orgpersee.fr. كانت هذه البرديات تُرتِّب الأحلام بصيغة منهجية على نمط: “إذا رأى الإنسان كذا وكذا في حلمه، فسوف يحدث كذا…”persee.fr. ومن خلال هذه التوثيقات ندرك أن المصريين اعتقدوا أن كل الأحلام ذات طبيعة إخبارية أو نبوئية؛ فكل حلمٍ يُنظر إليه كإشارة لما سيأتيpersee.fr. لذلك اعتُبر فهم الحلم وتأويله بشكل صحيح أمرًا حاسمًا قد يكون حياتيًّا للفردpersee.fr. ويؤكد نص مصري من القرن السابع قبل الميلاد هذا المعنى بقوله: “إن الحلم نافع لمن يحفظه في قلبه، ولكنه كارثة لمن لا يفهمه”persee.fr، في إشارة إلى ضرورة فهم الرسائل التي تحملها الأحلام. ومن اللافت أن التفسيرات المصرية للأحلام – بحسب ما بقي من تلك الكتب – نادرًا ما نسبت الأحلام مباشرةً للآلهة، بل بدت وكأنها قدَرٌ محتوم أو رسالة قدريةpersee.fr. هذا النزوع لإعطاء تفسيرات قطعية زاد من رهبة الأحلام في نظر المصريين، مما دفعهم لتسجيلها والاحتفاظ بـمفاتيح الأحلام كجزء أساسي من معارفهم العملية في إدارة شؤون الحياةpersee.frpersee.fr. الأحلام في الحضارة اليونانية القديمة أما في اليونان القديمة، فقد ارتبطت الأحلام بعالم الآلهة والأساطير. اعتقد الإغريق أن الأحلام إما هدايا من الآلهة تحمل توجيهات واضحة، أو ألغاز رمزية تستوجب التأويلreainfo.hypotheses.org. انتشرت ممارسة الونية – أي تفسير الأحلام لغرض التنبؤ – فكانت الأحلام تستخدم لاتخاذ القرارات المهمة وللبحث عن العلاج في معابد خاصة (مثل معبد أسكليبيوس)، حيث ينام الزوار على أمل تلقي حلم شفائي. وعبَّر اليونانيون عن رؤية الأحلام بعبارة “رأى حلمًا”، مما يعكس تصورهم بأن الحلم مشهد مُعايَن يكشف جزءًا من واقع مخفي عن اليقظةreainfo.hypotheses.org. ومع تطور الفكر اليوناني في القرن السادس قبل الميلاد، ظهرت تفسيرات أكثر عقلانية تربط مصدر الأحلام بالشخص الحالم ذاته بدلًا من القوى الخارجيةreainfo.hypotheses.org. فمثلاً قدّم أرسطو تفسيرًا للأحلام باعتبارها نتاجًا لمؤثرات حسية وجسدية داخلية، ونظر إليها أبقراط وأتباعه كدلائل على أمزجة الجسد وأحواله الصحية. ورغم هذا التحول نحو تفسير داخلي للأحلام، ظل الاعتقاد قائمًا بأن للحلم رسالة ومعنى ينبغي فك شفرتهreainfo.hypotheses.org. يجسّد كتاب أرتميدوروس الإفسي “فن تفسير الأحلام” (Oneirocritica) في القرن الثاني الميلادي ذروة التقليد اليوناني في التأويل الرمزي؛ إذ جمع فيه ما تيسّر له من تفاسير الأحلام عبر أسفاره في اليونان وآسيا وإيطالياjournals.openedition.org. تميز منهج أرتميدوروس بالتركيز على سياق الحالم وشخصيته عند تأويل الرموز، إدراكًا منه أن معنى الحلم قد يختلف باختلاف صاحب الحلمbooks.openedition.org. وعلى سبيل المثال، فسّر أرتميدوروس رؤية الرجل لنفسه يضطجع مع أمه بأنه دليل على سيطرته المرتقبة على مدينته أو عودته إليها ظافرًا، فالأم ترمز إلى الوطن في المخيلة الثقافية الإغريقيةjournals.openedition.org. ومن اللافت أن غالبية مفكري العصور القديمة لم يشكّوا في دلالة الأحلام أو صدقيتها؛ إذ بقيت فكرة الأحلام المرسلة من الآلهة راسخة، ولم يجرؤ على نقدها صراحةً إلا قلة، أبرزهم الفيلسوف الروماني شيشرون في كتابه “عن الإلهام” حيث طرح رؤية متشككة بقيمة الأحلام التنبؤيةreainfo.hypotheses.org. الأحلام في الفكر العربي الإسلامي حظيت الأحلام بمكانة مرموقة في الحضارة العربية والإسلامية، إذ اعتُبرت جزءًا من التجربة الروحية والدينية للمسلمين. جاء في الحديث النبوي الشريف أن “الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة“، مما أضفى على بعض الأحلام صفة الرسالة الإلهية الصادقة. في الواقع، نظر المسلمون إلى الأحلام كوسيلة للتواصل بين العالم البشري والعالم الغيبي؛ فهي مجال لتلقّي الإرشاد الإلهي ومعرفة بعض ما تخفيه الأقدارbooks.openedition.org. ولهذا السبب تطوّر علم تعبير الرؤيا بوصفه فرعًا من المعرفة له أصوله وقواعده. وضع علماء المسلمين كتبًا عديدة لتفسير الأحلام، أشهرها المنسوب إلى ابن سيرين (ت 728م) والذي أصبح نموذجًا لما سمي “مفاتيح الأحلام” الإسلاميةbooks.openedition.org. احتوت تلك المصنفات على قوائم رمزية تربط بين صورة الحلم ومعناه؛ فعلى سبيل المثال يُذكر أن رؤية الدواء في الحلم تعني الشفاء أو صلاح الدين، في حين أن رؤية الجراح تعني رجلًا مخادعًا أو ساحرًاbooks.openedition.org. وإلى جانب المفسرين الدينيين، اهتم أيضًا العلماء والفلاسفة المسلمون بظاهرة الأحلام من منظور عقلي وتجريبي. فقد أشار الطبيب أبو بكر الرازي (ت 925م) إلى إمكانية توظيف مضمون الحلم في التشخيص الطبي لمعرفة أمزجة المريض وأخلاطهbooks.openedition.org. كما تناول الفيلسوف والطبيب ابن سينا (ت 1037م) موضوع الأحلام باعتبارها جزءًا من عمل “المتخيلة” في الإنسان، ودرس كيفية ارتباطها بالحواس والبدنbooks.openedition.org. أما الصوفية، فقد أولوا الأحلام أهمية خاصة بوصفها وسيلة للكشف الروحي والتلقي من العالم العلوي. يروي عبد الغني النابلسي (ت 1731م) – أحد أبرز علماء التصوف الذين كتبوا عن الرؤى – تفسيرات صوفيّة للرموز الحلمية، حيث يرى مثلاً أن رؤية الدواء في المنام تدل على صلاح الحال في الدين، وزينة النساء تبشّر بالزواج أو الذرية للمرأة العقيمbooks.openedition.org. وخلاصة القول أن التراث الإسلامي جمع بين المنهج الرمزي المستمد من الوحي والتجربة النبوية في تفسير الأحلامbooks.openedition.org، وبين النظرة العقلانية التي لم تهمل تأثير الأحوال الجسدية والنفسية للحالم على ما يراه في منامهbooks.openedition.org. هذه النظرة الشمولية جعلت علم تفسير الأحلام جزءًا معترفًا به من الثقافة الإسلامية يُستعان به في شؤون الدين والدنيا على حد سواء. الاتجاهات الفكرية والنفسية قبل فرويد مع دخول عصر النهضة الأوروبية ثم العصر الحديث، بدأ التعامل مع الأحلام يخرج تدريجيًا من الإطار الديني والأسطوري ليدخل مختبر العلم والتفكير النقدي. بحلول القرن التاسع عشر، يمكن تمييز تيارين رئيسيين في النظرة إلى الأحلام قبل ظهور فرويد: أحدهما علمي-مادي يفسّر الأحلام بوصفها ظواهر فيسيولوجية بحتة أو هلوسات لا معنى لها، والآخر رمزي-غنوصي يستمر في اعتبار الأحلام حاملة لرسائل خفية وإن غابت عنها الصبغة الدينية الصريحة. من جهة، ساد بين العلماء الطبيعيين الاعتقاد بأن الأحلام تنشأ عن نشاط الدماغ خلال النوم بتأثير المنبهات الحسية أو الاضطرابات الجسدية؛ فمثلاً افترض بعض الأطباء أن رؤية كوابيس النار ترتبط بحرارة الجسد أو عسر الهضم. وفي الوقت نفسه، استمر تداول كتب تفسير الأحلام الشعبية بين الناس، مما يدل على

تفسير الأحلام عند فرويد وسابقيه قراءة المزيد »

الفرق بين التقدير والإعجاب nafsiyti.com

ما الفرق بين التقدير والإعجاب؟ نظرة كريستوف أندريه

ما الفرق بين التقدير والإعجاب؟ نظرة كريستوف أندريه ما الفرق بين تقدير شخص ما أو الإعجاب به؟ وما هي أنواع الإعجاب الممكنة؟ اكتشفوا وجهة نظر كريستوف أندريه حول هذا الموضوع من خلال منظور امرأتين تركتا بصماتهما في التاريخ. “تقدير شخص ما يعني الاعتراف بصفاته. أما الإعجاب به، فهو اعتبار صفاته متفوقة بشكل كبير على صفاتنا.” أحب الإعجاب: رؤية المواهب والفضائل تُبرز بأفضل شكل لدى أقراني يمنحني السعادة ويعزز ثقتي بالإنسانية. هناك نوعان من الإعجاب: الأول يعتمد على الرهبة، وهو ما يسميه الأنجلوساكسون بكلمة خاصة، “awe”، أي إعجاب مشوب بالاحترام. أما النوع الآخر فيستند إلى المودة، حيث نشعر بالقرب من الشخص، حتى لو كنا بعيدين عن امتلاك صفاته. أشعر بهذه الفروق في إعجابي تجاه امرأتين وكاتبتين استثنائيتين. سيمون فايل: شخصية الإصرار والتصميم سيمون فايل، فيلسوفة بفكر جذري قائم على مطلب السمو والصرامة تجاه النفس، حيث اعتبرتها احتياجات أساسية للروح. إليكم اقتباسين يعكسان جوهر فكرها: – “لا تسعَ لتجنب المعاناة أو تقليلها، بل اسعَ إلى عدم التأثر بها.” – “هناك تصوران للجحيم. الأول هو المعتاد (معاناة بلا عزاء)؛ والثاني هو خاصتي (سعادة زائفة، الشعور خطأً بأنك في الجنة).” كانت سيمون ذات شخصية صعبة، لم تكذب أو تساوم أبدًا. إعجابي بها لا حدود له، لكنني أشعر بأنني بعيد جدًا عنها، عن بريقها وقسوتها تجاه نفسها (حيث سمحت لنفسها بأن تموت جوعًا في لندن عام 1943، عن عمر 34 عامًا، لمشاركة معاناة مواطنيها الذين بقوا في فرنسا أثناء الحرب). إيتي هيلسوم: بين الحكمة والطيبة ثم هناك إعجابي الشديد بإيتي هيلسوم، شابة يهودية أخرى، لكنها هولندية، تركت رسائل ويوميات كتبتها أثناء الاحتلال النازي في معسكر للترحيل، تُعد من روائع الأدب. رغم الحرمان والاضطهاد، بقيت إيتي وفية لرغبتها في الحفاظ على مشاعر الحب والسكينة داخلها، ونقلها إلى الآخرين. بعض عباراتها الملهمة: – “هذا أيضًا إنجاز: أن تكون سعيدًا حقًا وبصدق، تقبل عالم الله وتستمتع به، دون أن تُثنيك كل المعاناة التي يحتويها.” – “لدي ثقة هائلة. ليست الثقة بأن الحياة الخارجية ستسير على ما يرام بالنسبة لي، بل الثقة في قدرتي على قبول الحياة وإيجادها جيدة، حتى في أحلك اللحظات.” – “أن تصقل نفسك وتصبح أقوى شيئان مختلفان.” توفيت في عمر 29 عامًا في أوشفيتز. أشعر تجاهها بإعجاب لا متناهٍ ومليء بالحنان: رغم عجزي عن امتلاك شجاعتها وحكمتها في مواجهة المحن، أشعر بأنني قريب منها ومذهول بطيبتها الفائقة وجهودها للحفاظ على روحها حتى النهاية. كتب الناقد الأدبي جوزيف جوبرت: “ما يثير الدهشة يثير مرة واحدة، لكن ما هو رائع يُعجب به أكثر فأكثر.” كلما قرأتم لإيتي وسيمون، زاد إعجابكم بهما!

ما الفرق بين التقدير والإعجاب؟ نظرة كريستوف أندريه قراءة المزيد »